في عصر الوعود بالثراء السريع والعمل من المنزل، ظهر نوع من الاحتيال يعرف باسم "التسويق الشبكي" أو "التسويق الهرمي"، ويُشار إليه أحيانًا بـ "هرم بونزي". رغم تقديمه كفرصة لتحقيق الأرباح، إلا أنه يعد واحدًا من أخطر أنواع الاحتيال المالي، حيث يستغل حاجة الناس إلى الربح السريع لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الآخرين.
مفهوم التسويق الهرمي
التسويق الشبكي يعتمد على فكرة بسيطة لكنها خادعة: ينضم الشخص إلى الشركة عن طريق دفع مبلغ مالي محدد ويُمنح بعض المنتجات (في بعض الأحيان تكون منتجات ذات قيمة ضئيلة أو لا قيمة لها)، ثم يُطلب منه دعوة آخرين للانضمام مقابل عمولة صغيرة. كلما زاد عدد الأشخاص الذين يجلبهم، تزداد أرباحه، ليس من بيع المنتجات ولكن من رسوم الاشتراك التي يدفعها الأعضاء الجدد.
على سبيل المثال، قد يُعرض عليك شراء ساعة بقيمة 50 جنيهًا، ولكن مقابل دفع 300 جنيه كرسوم اشتراك، ستحصل على ساعة تُقدّر قيمتها بألف جنيه. علاوة على ذلك، ستحصل على عمولة لكل شخص جديد تجلبه للشركة، ومع زيادة عدد المشتركين تحتك في الهرم، تحصل على مكافآت إضافية. لكن الأرباح التي يتم الترويج لها تأتي في الواقع من رسوم اشتراكات الأعضاء الجدد، وليس من بيع منتجات حقيقية.
لماذا يُعتبر هذا النوع من التسويق احتياليًا؟
تُعد هذه الممارسات احتيالية لأن الربح الذي يتم تقديمه للمشتركين لا يأتي من قيمة حقيقية أو منتجات مبيعة، بل يعتمد كليًا على تدفق الأموال من المشتركين الجدد. وعندما يتوقف تدفق هؤلاء المشتركين الجدد، ينهار النظام بأكمله، مما يتسبب في خسارة كبيرة لأغلبية الأعضاء.
مع مرور الوقت، وعندما يصل الهرم إلى قاعدته الأخيرة ويتشبع السوق، لن يتمكن الأعضاء الجدد من إيجاد آخرين للانضمام، وبالتالي تتوقف العمولات وتبدأ الخسائر. هذه الظاهرة تُعرف بانهيار الهرم، وهو ما يؤدي إلى فقدان معظم المشتركين لأموالهم.
التاريخ والظهور
ظهر هرم بونزي للمرة الأولى في القرن التاسع عشر، ولكن اسمه يعود إلى تشارلز بونزي، الذي اشتهر باستخدام هذه الطريقة في الاحتيال على ضحاياه في عام 1919. منذ ذلك الحين، تكررت هذه العمليات في أشكال مختلفة وعلى مدى العقود، مستهدفة الأشخاص الطامحين إلى الثراء السريع.
أمثلة على احتيالات مشابهة في العصر الحالي
في الوقت الحاضر، تتجلى أشكال مختلفة من هرم بونزي في بعض المشاريع المالية الرقمية مثل العملات المشفرة غير المستقرة أو المشروعات التي تُعرف بالـ meme coin أو الـ shit coin، مثل "شيبا"، و"فلوكي"، وغيرها. بالإضافة إلى ذلك، هناك أمثلة على مشاريع احتيالية مثل "مشروع المئة دولة"، والتعدين السحابي من شركات مشبوهة، وشركات التسويق الشبكي مثل QNet ويونيواي.
الخاتمة
في عالم مليء بالفرص الحقيقية والمزيفة، من الضروري أن يكون الفرد واعيًا ومدركًا لما يدخل فيه من استثمارات. التسويق الشبكي وهرم بونزي هما مثالان واضحان على كيفية استغلال الطموحات والآمال لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الآخرين. لذا، يُنصح دائمًا بضرورة القيام بالبحث الشخصي والتأكد من شرعية أي فرصة استثمارية قبل الاندفاع وراء وعود الثراء السريع.